-A +A
كاظم الشبيب
عندما يقول قائد أمريكي عسكري باستحالة إنهاء الهجمات الانتحارية في العراق، بل يؤكد قائد القوات الأمريكية في العراق، الجنرال ديفيد بترايوس: «سيتعين على العراق، أن يتعلم العيش مع درجة معينة من الهجمات الكبيرة»!. فهو إنما يعبر عن دموية الصورة وسوداويتها، إذ تتشكل من أصوات التفجيرات اليومية، ومن سكون القتلى وأشلائهم، ومن معاناة أهالي الضحايا وعويل الجرحى، وقد أمسى الفرق الزمني والمكاني بين كل تفجيرين عبارة عن تفجير ثالث! أما القطع الأخرى المكملة للصورة الزجاجية المهشمة للفسيفساء العراقية فهي خليط من الفشل الدولي والإقليمي في إيجاد مشروع لحل سياسي ناجع، وفشل عراقي – عراقي في إرساء الاستقرار الأمني والسياسي المطلوبين، وفشل عربي إسلامي في المساهمة في إخراج العراق من أزمته المستفحلة، و فشل أمريكي، أولاً وأخيراً، باعتراف القادة العسكريين وبعض السياسيين في تمكين العراقيين من إدارة بلادهم بأنفسهم، وبالتالي فشل الخطة الأمريكية في بلاد الرافدين. يبدو أن تنظيم «القاعدة» في العراق لا يميز، ولن يميز، بين إدارة البيت الأبيض، سواء كانت من الجمهوريين أو من الديمقراطيين، أو بين جميع الخطط الأمريكية في العراق، سواء السابقة أو الحاضرة أو المستقبلية. لأن الاحتلال هو ذريعتهم الظاهرية الوحيدة التي تبرر في نظرهم القتل والتدمير. ويساهم، بالإضافة لما ذكرناه، أمران في تكريس هذا الاعتقاد واتساع رقعة المعتقدين به كماً ونوعاً في صفوف العراقيين من الشرائح السياسية والاجتماعية المختلفة. الأمر الأول: انسداد الأمل في أفق الخروج من الأزمة السياسية والأمنية على صعيد داخل العراق وخارجه. الأمر الثاني: غياب الانعكاس الايجابي والملموس لكل المشاريع التي جاءت بها الحكومات العراقية منذ 2003 على حياة الفرد العراقي ومجتمعه. وتأتي خطة بناء أسوار خراسانية بارتفاع 3.5م حول بعض الأحياء البغدادية إمعاناً في السلبية والتضييق على العراقيين!
وتقف مشكلتان رئيسيتان عائقاً أمام أي تقدم في الساحة العراقية. الأولى: غياب المخرج الأمني الواقعي وبالتالي تدحرج حياة المواطن والمجتمع العراقيين نحو الانهيار. الثانية: وجود الاحتلال الأمريكي الذي يترافق مع تعنت الإدارة الأمريكية تجاه ما يقدمه المجتمع الدولي والمحيط العربي والإسلامي من مقترحات قد تساهم في وضع المعالجات السياسية للتأزم القائم على خط الخطوات الأولى للنجاح والمصالحة العراقية- العراقية، وتعنت أمريكي أيضاً تجاه نصائح النخب السياسية الأمريكية في واشنطن نفسها!

أما تصريحات الرئيس الأمريكي جورج بوش حول إمكانية البدء في وضع خطة تدريجية لانسحاب الجيش الأمريكي فلا تعدو عن كونها آلية من آليات المسار الانتخابي للحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة في عام 2008. لذا ومع غياب أفق الحل السياسي ستبقى الانهيارات الأمنية مستمرة وملتصقة بالمستقبل العراقي في المرحلة الراهنة. كل ذلك يعني استمرار معاناة الشعب العراقي لفترة، نسأل الله تعالى ألا تطول. بالإضافة إلى العامل السياسي للعنف في العراق، الذي قد يأتي باسم مقاومة الاحتلال و المدعوم من أطراف خارجية وإقليمية لها مصالح واضحة في عدم استقرار العراق، أو يأتي في سياق عمليات إرهابية تتغذى على فكر تكفيري هدام يُدعمه الذين لا يهمهم هوية أو أعداد من يُقتلون ويُهجرون ويُعيقون من أبناء شعبهم ومجتمعهم، ناهيك عن وجود عنف جنائي ضخم لم تتمكن أجهزة الدولة من السيطرة عليه، بل أعلنت أطراف حكومية عن وجود عناصر من أجهزتها ومن القوات الأمريكية تستفيد مما يجري في العراق نهباً وسلباً ومتاجرة بالعراق وأهله! فمن سيحمي العراق وأهله؟
ص.ب 2421 الدمام 31451 - kshabib@hotmail.com